في أفق تكريم الكوميدي مصطفى الزعري بالدورة 17 للمهرجان الوطني للفيلم بطنجة ، من 26 فبراير إلى 5 مارس 2016 ، نعمم هذه الورقة التي تسلط بعض الأضواء على مسيرته الفنية الطويلة :
اشتهر زوج الممثلة رشيدة مشنوع ، وإسمه الحقيقي جمال الدين مصطفى ، بشكل واسع عندما كان يشكل ثنائيا كوميديا رفقة صديقه الفنان مصطفى دسوكين ، حيث أصبحا وجهان مألوفان في التلفزيون المغربي ومعروفان لدى الأسر المغربية من خلال اسكيتشاتهما ومستملحاتهما التي كانت تقدم في السهرات التلفزيونية الأسبوعية في الثمانينات من القرن الماضي بشكل خاص ، ومن خلال أدوارهما المسرحية والتلفزيونية المتعددة . إلا أن التجربة الفنية للكوميدي مصطفى الزعري لا يمكن حصرها في هذا الثنائي ، الذي يذكرنا بثنائي بزيز وباز وثنائي قشبال وزروال وغيرهما من الثنائيات الفنية الكوميدية ، فقد انطلقت منذ مطلع الستينات واستمرت بعد انفصاله عن دسوكين سنة 1987 .
قبل أن يصبح الزعري ممثلا معروفا اشتغل مربيا في الخيرية ومدربا في المخيمات الصيفية التابعة للشبيبة والرياضة بإفران وأزرو وعين اللوح وغيرها ، وكان يميل منذ صغره إلى الشغب والسخرية والدعابة ، وللتمكن من أدوات التشخيص انفتح منذ مطلع الستينات من القرن الماضي على فرقة الأخوة العربية برئاسة المسرحي الرائد عبد العظيم الشناوي ، وبعد ذلك التحق بالمعهد البلدي ليصقل موهبته بالإحتكاك بأساتذة وفنانين كبار من عيار الطيبين الراحلين لعلج والصديقي وغيرهما . كما اشتغل مع فرقة عبد القادر البدوي في مسرحية " النواقسية " (قدمت على شاشة التلفزة المغربية سنة 1967) التي تعتبر بمثابة الإنطلاقة الفعلية له كممثل ، وستتلوها أعمال فنية أخرى في المسرح (بنت الخراز ، حلوف كرموس ، العائلة المثقفة ، دابا تجي دابا ...) والتلفزيون (ستة من ستين ، بيوت من نار ، سعدي ببناتي ، حسابي فراسي ، شبح الماضي...) .
وتعتبر مسرحية " النواقسية " أول عمل فني جمع بينه وبين دسوكين ، وسننتظر سنة 2012 لنراهما معا في فيلم سينمائي من توقيع نور الدين دوكنة .
في الشق السينمائي من تجربة الزعري الفنية نلاحظ أنه شارك في مجموعة لا يستهان بها من الأفلام المغربية والأجنبية ، كممثل أو كتقني في الإنتاج ، نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر العناوين التالية : " الصمت اتجاه ممنوع " (1973) و " الضوء الأخضر " (1974) للقيدوم عبد الله المصباحي و " شمس الضباع " (1974) للتونسي رضا الباهي و " الرسالة " (1974) للراحل مصطفى العقاد و " الجمرة " (1982) لفريدة بورقية و " حب في الدار البيضاء " (1991) لعبد القادر لقطع و " الطفولة المغتصبة " (1993) لحكيم نوري و " ليلة القدر " (1993) لنيكولا كلوتز و" أنا الفنان " (1995) لعبد الله الزروالي و" أو إس إس 117 : القاهرة عش الجواسيس " (2006) لميشال هزانافيسيوس و " خارج التغطية " (2012) لنور الدين دوكنة ...
الملاحظ أن السينما المغربية لم تستغل بما فيه الكفاية قدرات هذا الممثل الكبير ، رغم أنه كان محظوظا سينمائيا أكثر من صديقه الكوميدي مصطفى دسوكين الذي تعد أفلامه السينمائية على أصابع اليد الوحدة ، فباستثناء " الجمرة " و " أنا الفنان " و " خارج التغطية " التي شاركا فيها معا ، لم تعرف لدسوكين أفلام مغربية طويلة أخرى .
أحمد سيجلماسي